عرض أحداث يوم عاشوراء وفضل صيامه - بقلم: عرسان حجاجرة
بقلم: الشيخ عرسان غازي حجاجرة اضافة تعقيب ارسل لصديق طباعة الخبر
03/12/2011 14:55:42
الوعد من الله تعالى بنصر رسله وأتباعهم من المؤمنين: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51)}. [غافر].
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}. [الروم].
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) }. [القصص].
الإذن لموسى عليه السلام بالخروج:
{ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَّ تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى (77) }. [طه].
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52)}. [الشعراء].
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (23)}. [الدخان].
فرعون يأمر بالقبض على موسى ومن معه:
{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) }[الشعراء].
فرعون يخرج مع جنوده للقبض على موسى ومن معه فهلك واهلك قومه:
{قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)}. [غافر].
{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)}. [طه].
فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) }. [ هود ].
{فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60)}. [ الشعراء ].
انفلاق البحر لموسى عليه السلام ونجاته ومن معه وهلاك الطاغية فرعون من معه:
{فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)}. [ الشعراء ].
{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50)}. [ البقرة].
{وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاء مُّبِينٌ (33)}. [الدخان]
{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56)}. [الزخرف].
{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)}. [ القصص].
{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)}. [الذاريات].
{فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا (103)}. [الإسراء].
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)}. [آل عمران].
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52)}. [الأنفال].
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54)}. [الأنفال].
{وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ (42)}. [القمر].
{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلاً (16)}. [المزمل].
{فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى (26)}. [النازعات].
إيمان فرعون عند تحققه بالهلاك لم ينفعه:
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) }[يونس].
{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}. [غافر].
يوم النجاة يوم من أيام الله تعالى:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}. [إبراهيم].
{وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}. [الأعراف].
{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)}. [ البقرة].
وقد كان يوم أن نجى الله تعالى نبيه موسى عليه السلام ومن معه وأغرق فرعون ومن معه وأهلكهم يوم العاشر من محرم... فصامه موسى عليه السلام شكراً لله تعالى على ذلك...
وعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء، لأنه يومٌ عظيم ويومُ خير وفضل وبركة وانتصار للحق والإيمان على الباطل والكفر والطغيان؛ ففيه نجّى الله تعالى نبيه موسى عليه السلام من فرعون وقومه، فصامه موسى عليه السلام شكراً لله تعالى، وصامه أنبياء بني إسرائيل من بعده، فصامه النبي محمد صلى الله عليه وسلم شكراً لله تعالى على نجاة إخيه موسى عليه الصلاة والسلام؛ ذلكم لأن الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام إخوة، بعثهم الله عز وجل ليبلغوا عنه، ويدعون الناس لعبادته وتوحيده وطاعته والإيمان به، فربهم واحد، ودينهم واحد، الذي هو الإسلام.
روى الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ( ما هذا ) ؟ قالوا : هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى، فقال صلى الله عليه وسلم: ( فأنا أحق بموسى منكم ) فصامه وأمر بصيامه.
وفي رواية الإمام مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ( ما هذا اليوم الذي تصومونه ) ؟ فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فنحن أحق وأولى بموسى منكم ) فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه.
وهذا تعليم وتأكيد لكل أقوام الدنيا أن دين الله تعالى واحد في جميع الأزمان، وأن الأنبياء إخوة، وضع كلٌ منهم لبنة في بناء الحق، وأن المسلمين أولى بكل نبي ممن يدعون أتباعه.
وهذا من مميزات الأمة المحمدية عند الله تعالى، ولذلك هم شهداء على تبليغ الأنبياء دينهم يوم القيامة.
فإذا كان يوم عاشوراء يوم هلاك الطاغية المتكبر فرعون وانتصار لموسى عليه السلام فهو كذلك انتصار للحق الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، وإذا صامه موسى شكرا لله فالمسلمون أحق أن يقتدوا به من اليهود، لأن رابطة الأخوة في الدين أقوى من رابطة النسب. [ القرضاوي ].
ويوم عاشوراء يوم عظيم، ويوم فضيل، لما روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن عاشوراء يوم من أيام الله ... ).
ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يصومه ويتحرى صيامه؛ فقد روى الإمام مسلم عن ابن عباس أنه قال: ما علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هذا الشهر، يعني رمضان.
ولهذا يستحب صيام هذا اليوم – يوم عاشوراء – اقتداءً بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وتحصيلاً للأجر والثواب، وتكفيراً للذنوب والسيئات، ورفعة في الرتب والدرجات.
روى الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما سئل عن صيام يوم عاشوراء: ( يكفّر السنة الماضية ).
وفي رواية أخرى للإمام مسلم: ( أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله ).
قال العلماء: يعني تكفّر بصيامه الصغائر، فإذا لم يكن للعبد صغائر يرجى أن تخفف من الكبائر، فإن لم تكن ادخر له ويرجى له الرفعة في الرتب وزيادة في الدرجات.
ورغّب النبي صلى الله عليه وسلم في صيام التاسع من محرم الذي يسبق عاشوراء بيوم وهو ما يُسمى تاسوعاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع ) فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. [رواه مسلم ].
وقد استحب السادة العلماء أن يصوم المسلم أيضاً بعده بيوم، يعني اليوم الحادي عشر من محرم.
وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يُصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر معه.
وخاصة ونحن في شهر مبارك هو من الأشهر الحرم التي قال الله تعالى عنها : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيّم فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم ... }. [ سورة التوبة: 36 ] . وهذه الأشهر هي: رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم.
والنبي صلى الله عليه وسلم رغّب في صيام شهر محرم فقال: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ). وسماه النبي صلى الله عليه وسلم شهر الله تشريفا له.
أيها الأحبة في الله تعالى: إن الله تعالى بعلمه وحكمته لما جعل أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أقصر الأمم أعماراً، جعل لهم من الفضائل كشهر رمضان والأشهر الحرم وليلة القدر وأيام العشر ويوم عرفة ويوم عاشوراء ويوم النحر ويوم الفطر ويوم الجمعة... فاغتنموا هذه الأيام والليالي بطاعة الله سبحانه وتعالى.
فنعزم على صيام يوم عاشوراء بنية التقرب إلى الله تعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ورجاء أن يكفّر الله تعالى عنا سيئات عامٍ مضى، ويغفر لنا ذنوب سنة مضت من أعمارنا، فلا ندري لعلنا لا نبقى إلا يوم عاشوراء آخر، فمن أراد العلى فليغتنم وقته بالطاعة والعمل الصالح، وخير ما يُقدم المرء لنفسه من الأعمال الصالحات: الصيام، لأن الله تعالى قال عنه: ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ).
فلنصم نحن وأبناؤنا يوم عاشوراء كما كان يفعل الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم؛ فقد روى الشيخان عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها أنها قالت عن يوم عاشوراء : " فكنا نصومه ونصوم صبياننا ".
وفي صيام يوم عاشوراء إظهار لشعيرة من شعائر هذا الدين { ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب }. [ سورة الحج: 32 ].
ولا ننسى الدعاء في هذا اليوم، فللصائم دعوة مستجابة، وللصائم عند فطره دعوة ما تُرد، فنجعل يوم عاشوراء يوم دعاء لأنفسنا ولأهلنا ولإخواننا المسلمين في كل الدنيا بالثبات والصبر والنصر والعز والتمكين والرزق والتوفيق والهداية والرشاد والتقى والصلاح والخير...
وصلى الله وسلم وبارك على النبي المبارك وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.